كتب يعقوب فيرتشافتَر ومينا نادر أن صفقة الغاز الأكبر في تاريخ إسرائيل بقيمة 35 مليار دولار أصبحت محور مواجهة كلامية مع القاهرة، في وقت تحاول فيه مصر احتواء الأزمة الإنسانية في غزة.
الصفقة الموقعة حتى عام 2040 تقضي بتصدير الغاز من حقل ليفياثان الإسرائيلي عبر شركة شيفرون وشركائها إلى شركة "بلو أوشن إنرجي" المصرية، لكن تقارير صحفية إسرائيلية صعّدت التوتر باتهام مصر بانتهاك اتفاقية كامب ديفيد، ما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمراجعة الاتفاق.
يشير تقرير ذا ميديا لاين إلى أن الرد المصري جاء سريعاً، إذ أكد ضياء رشوان أن إلغاء الاتفاق سيضر إسرائيل اقتصادياً.
الإعلامي عمرو أديب هاجم نتنياهو لكنه دعا إلى ضبط النفس، فيما أوضح الخبير الاقتصادي محمد فؤاد أن الاتفاق تجاري تديره الشركات وليس الحكومات، وأن إلغاؤه سيُرتب مليارات الدولارات من التعويضات.
أضاف فؤاد أن مصر قادرة على التحول إلى استيراد الغاز المسال رغم كلفته الأعلى، مشيراً إلى مشاريع مستقبلية مع قبرص ستعزز تنويع المصادر.
أزمة الطاقة في مصر تضاعف حساسية الموقف. إنتاج حقل ظهر العملاق تراجع 40%، ما اضطر السلطات إلى تقنين استهلاك الغاز بينما استمرت في التصدير لأوروبا.
الغاز الإسرائيلي بات شرياناً أساسياً، خصوصاً بعد توقفه المؤقت خلال الحرب مع إيران في يونيو، حيث لجأت القاهرة إلى وقف مصانع الأسمدة وتحويل محطات الكهرباء إلى وقود مكلف.
ورغم ذلك، ساعدت الإمدادات الإسرائيلية في تقليل انقطاعات الكهرباء هذا الصيف مقارنة بالعام الماضي، وهو ما اعتبرته حكومة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إنجازاً.
محللون إسرائيليون يستبعدون أن يقدم نتنياهو فعلاً على تعليق الاتفاق.
الباحث إيلاي ريتج من جامعة بار إيلان أكد أن نتنياهو لطالما دعم "دبلوماسية الأنابيب"، معتبراً أن استخدام الغاز كسلاح سياسي يقوض الثقة ويُبعد الشركاء.
شدد على أن "الموثوقية تأتي قبل السعر والاستدامة، ومن يفقدها يخسر الأسواق".
ورأى الباحث أوفير وينتر من معهد دراسات الأمن القومي أن التعاون في مجال الغاز "مصلحة استراتيجية مشتركة" وينبغي عزله عن التجاذبات السياسية.
لكن التوتر لم يقتصر على الطاقة. تصريحات نتنياهو بشأن إمكانية خروج الفلسطينيين من غزة عبر معبر رفح أثارت غضب القاهرة التي وصفتها بمحاولة للتطهير العرقي.
شددت وزارة الخارجية المصرية على أن "مصر لن تكون بوابة لتهجير الفلسطينيين"، فيما كرر الوزير بدر عبد العاطي هذا الموقف في اتصال مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
محللون مصريون حذروا من أن تلك التصريحات تعكس استهانة بالقانون الدولي، مؤكدين أن موقف القاهرة ثابت منذ 1948: بقاء الفلسطينيين على أرضهم حتى نيل الدولة المستقلة.
انضمت الإمارات إلى مصر في إدانة تصريحات نتنياهو ووصفتها بالخطيرة، مؤكدة أن التطبيع لا يعني القبول بمشاريع تهجير. السعودية أيضاً أعربت عن تضامنها، في حين يرى مراقبون أن هذه المواقف تعكس تقاطع السياسة بالطاقة.
يعزز التاريخ هذه الصلة؛ فخط أنابيب شرق المتوسط كان ينقل الغاز المصري إلى إسرائيل قبل أن تتوقف الإمدادات عام 2012.
في 2019، انعكس الاتجاه لتتدفق إمدادات إسرائيلية نحو مصر، حيث يجري تسييلها في محطتي إدكو ودمياط للتصدير.
الصفقة الجديدة تمتد حتى 2040 وتشمل توسيع الإمدادات وإنشاء خط نقل إضافي.
رغم التصعيد الإعلامي والسياسي، تبقى الأسس الاقتصادية قوية: مصر بحاجة إلى الغاز الإسرائيلي لتعويض تراجع إنتاجها وضمان استقرار الشبكة الكهربائية، بينما تعتمد إسرائيل على السوق المصرية كمنفذ للتصدير نحو أوروبا.
يرى الباحثون أن العبث بهذه المصالح لأغراض سياسية سيكون مقامرة خطيرة قد تضعف الثقة.
خلاصة الموقف أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تواجه اختباراً مزدوجاً من الطاقة وغزة معاً.
لكن حجم الاعتماد المتبادل في ملف الغاز يجعل من الصعب التضحية بالاتفاق، فيما تظل القاهرة حازمة في رفض أي محاولة لفرض واقع جديد على غزة.
في هذا السياق، تبدو معادلة "الغاز مقابل الاستقرار" هي القاعدة غير المعلنة التي تحكم العلاقة، مهما علا صوت الخلاف السياسي.
https://themedialine.org/top-stories/gas-and-gaza-energy-pact-tests-israel-egypt-relations/